لماذا
تتساقط أوراق الأشجار؟
قليلة هي عجائب
الطبيعة التي تضاهي ورق الأشجار ورعة
وجمالا وتعقيدا . لكنها أروع من أن
تكون مجرد قطعة جميلة . إنها تحفة من
تحف الهندسة الطبيعية التي تطورت عبر
ملايين السنين ، تصنع الطعام للنبات
الذي يحملها وتؤمن الغذاء لجميع
حيوانات الأرض وللبشر أيضا.
والأوراق هي
الأجزاء المتفرعة من الجذع أو الساق
، تتكون من نفس الألياف والأنسجة
التي يتطور منها البرعم . وتتكون ورقة
النبتة من سطح أخضر عريض متباين
الأشكال ، يرتبط بالساق بعرق صغير .
يتفرغ داخل سطح الورقة مجموعة من
العروق المتفرعة نحو الخارج ، التي
تنقل المواد الغذائية إلى أنسجة
الورقة ، وتدعمها كما تدعم الضلوع
جسم الإنسان.
وتعرف هذه العملية
باسم " عملية البناء الضوئي "
التي تعتبر المفتاح الرئيسي لقدرة
النبتة على إنتاج الطعام . وتتكون
جميع النباتات من ] اليخضور[
الكلوروفيل ، وهي صبغة خضراء تمتص
أشعة الشمس ، وتمكن النبات من بناء
الكربوهيدرات من ثاني أوكسيد
الكربون الجوي ومن الماء .
وتذهب كل هذه
المواد الكيميائية إلى البناء
الداخلي للورقة ، التي تحميها طبقة
من الجلد النباتي ، وهو مرتبط بجلد
الساق ، مما يمنع دخول أي عنصر مؤذي
من الخارجي .
ويحتوي الجزء
الداخلي من الورقة خلايا طرية
الجدران . يتكون خمسها من مادة
الكلوروبلاست الذي يحتوي على مادة
الكلوروفيل التي تمتص ضوء الشمس .
وتفرز هذه الخلايا الإنزيمات –
وهي البروتينات التي تفرزها الخلايا
الحية – والتي تمثل المادة
المحفزة في التفاعل الكيميائي الذي
تعتمد عليه حياة النبتة .
وعند بدء عملية
البناء الضوئي ، تقوم هذه الأنزيمات
بالتعاون مع طاقة أشعة الشمس بكسر
الماء إلى عنصرين هامين وهما
الهيدروجين والأوكسجين . وينطلق
الأوكسجين الناتج عن عملية البناء
الضوئي ثغرات خاصة موجودة على سطح
ورقة النبات ، ليحل مكانه الأوكسجين
الذي امتصته النبتة أثناء عملية
التنفس . وفي نفس الوقت ، فإن
الانزيمات تتحد مع الهيدروجين
المنطلق من الماء ومع ثاني أوكسيد
الكربون لتكون الكربوهيدرات التي
تعتبر أساس حياة النباتات
والحيوانات وبالتالي الإنسان . لذا ،
يمكننا أن نقول أن التفاعل الكيميائي
الذي يحدث داخل الورقة ، وهو عنصر
حيوي جدا للحياة على الأرض . وهنا
نعود إلى سؤالنا الأصلي حول سبب
تساقط أوراق الأشجار في فصل الخريف .
وتحدث هذه الظاهرة مرة في السنة في
الأشجار الموسمية وكل سنتين أو ثلاثة
في الأشجار الدائمة الإخضرار.
وستجد الإجابة عن
السؤال ، في أولويات في حياة الورقة .
فرغم أنها تشارك بدور فعال في العالم
المحيط بها ، إلا أن واجبها الرئيسي
هو في دعم أمها الشجرة ، وعلى الأخص
في مرحلة معينة من النمو ، حين لا
تكون الشجرة قادرة على امتصاص الغذاء
الكافي لها من التربة . ورغم أن عملية
إنتاج السكر تستمر باستمرار حياة
النبتة ، إلا أنها لا تكون ضرورية جدا
في طور النمو.
إن تساقط الأوراق
في مختلف أنواع الأشجار ، يحدث بسبب
ضعف المنطقة التي تربط الأوراق بساق
النبتة أو البرعم . وتأخذ الطبيعة
مجراها فيتم سقوط الأوراق عندما يصبح
النهار قصيرا فتبطئ عملية البناء
الضوئي وتقل كمية الضوء الواصلة إلى
الأوراق .وعندما يحدث ذلك ، تتكون
خلايا طرية عبر قاعدة العنق الواصل
بين الورقة والساق ، فتسقط الورقة .
ويلتئم الجرح بسرعة لأن الخلايا
الطرية تفلق الساق الجريح وتحول دون
فقدان المزيد من المواد الغذائية ،
وهو أمر خطير في أشهر الشتاء الباردة
والتي يقل فيها الضوء والغذاء .
0 التعليقات